في الوقت الذي كانت فيه الكلية المتعددة التخصصات بجامعة سلوان بالناظور على أهبة الإستعداد لخوض الإمتحانات الدورية ، ليوم الثلاثاء 12 يناير الجاري تفاجأ الطلبة الذين ولجوا المدرجات و القاعات في إنتظار توزيع أوراق الإمتحانات في مختلف التخصصات ، بإنزال مكثف قل نظيره من طرف بعض الفصائل الطلابية المحسوبة على الصف اليساري و بالتحديد مجموعة الطلبة القاعديين
و في إتصال مباشر بعميد الكلية الأستاذ الخضير الغريبي من طرف هيئة تحريرموقع ناظورسيتي ، للإستفسار و توضيح مجريات الحدث الطارئ و الإستثنائي ، صرح بالقول بأن الإدارة هيأت جميع طاقاتها المادية و المعنوية و اللوجستيكية من أجل توفير الجو الصحيح لإنجاح الإمتحانات و إجتيازها في جو نفسي يريح الطلبة و الطالبات ، لكن رياح النضال القاعدي و بالتحديد المجموعة المحسوبة على مدينة زايو تسير لأساتذة المكلفون بالحراسة بتوزيع أوراق الإمتحانات على الطلبة ، و في إنتظار قدوم الأسئلة التي من المنتظر أن يمتحن فيها الطلبة على إختلاف تخصصاتهم فوجئوا على حسب قول العميد بإنزالات مكثفة بفلول من الطلبة القاعديين المنحدرين من مدينة زايو يحرضون الطلبة على إخلاء القاعات و المدرجات بشتى الطرق للإحتجاج في الساحة الجامعية على تباطؤ الإدارة الجامعية للإستجابة للملف المطلبي للطلبة المحتجين ، و في مقدمته الوصول إلى حل توافقي حول مشكل النقل الطلابي لطلبة زايو
و حسب المصدر ذاته فإن الزياويون (من زايو) ، عمدوا إلى عملية الإخلاءات عبر رفع الشعارات الطلابية التي لها علاقة بنقابة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب ، و أمام هذا الوضع الغير العادي لم يجد الطلبة العاديون بدا من الخروج من المدرجات و القاعات المخصصة لإجتياز الإمتحانات ، إذ أمام إصرار إدارة الكلية على إنجاح هذه الإمتحانات بشتى الطرق بإعتباره إمتحانا جهويا معمما من طرف جامعة محمد الأول بوجدة ، و نفس سيناريو المقاطعة وقع صباح اليوم الأربعاء 14 يناير الجاري
و أمام هذا الوضع المتأزم في جامعة سلوان ، و تباين الرؤى و الآراء و المواقف و شد الحبل بين الطلبة القاعديين الذين لجؤوا حسب تصريح عميد الكلية إلى إخراج الطلبة الممتحنين و إرغامهم على تمزيق أوراق الإمتحانات ، الشيء الذي أحدث رعبا و فوضى كبيرين بين صفوف الطلبة الذين تحطمت نفسيتهم بعد شهور من الكد و الجد و الإستعداد ، مما أفضى إلى حدوث عدد كبير من الإغماءات في صفوف الطالبات خصوصا اللواتي لم يتأقلمن مع هذه الأجواء ، حسب تصريح عميد الكلية
و أمام هذا الإنزال الطلابي و إقتحامهم للمدرجات ، و مزجهم بين لائحة المطالب النقابية ، و صيرورة البحث العلمي و المتمثل في السير العادي لمجريات الدراسة في الجامعة عبر السماح للطلبة لإجتياز إمتحاناتهم الدورية ، إن هذا التحدي الذي رفعه الطلبة القاعديون من أجل مقاطعة الإمتحانات جعلت عميد الكلية حسب تصريحه لناظورسيتي إلى منح فرصة أخيرة للطلبة من أجل التحلي باليقضة ، و الولوج إلى المدرجات لإجتياز الإمتحانات في جو طلابي سليم بعيدا عن كل الحسابات الإديولوجية و السياسوية الضيقة و التي تسعى إلى الإنتقام من الإدارة الجامعية على عدم تلبية مطالبها النقابية ، و إذا إستمر الوضع على حاله إلى غاية يوم الخميس 15 يناير الجاري، سيلجأ العميد إلى إشهار سلاح الدورة الإستدراكية في حق الطلبة ، و التي ستكون نتائجها سلبية على الموسم الجامعي إذا إستمرت المقاطعة على نفس المنوال لتنتهي بسنة جامعية بيضاء
وقد أضاف عميد الكلية الأستاذ الخضير غريبي للموقع أن نفس العناصر الطلابية التي تنتمي إلى مدينة زايو ، و المحسوبين سياسيا على فصيل البرنامج المرحلي كأحد روافد الطلبة القاعديين ، يبقى غرضهم الوحيد هو تأزيم الوضع الجامعي بربط مقاطعة الإمتحانات بمشكل النقل الجامعي ، فما مصير حوالي 4600 طالب كانوا مستعدين للإمتحانات لكي تتحكم في مستقبلهم كميشة طلابية تقدر بحوالي 400 طالب ، غالبيتهم من مدينة زايو
و قد ختم العميد تصريحه إلى أنه أمام هذه الإعتداءات المتكررة على شخصه و الكاتب العام للكلية ، قام بتقديم شكاية مباشرة بهذه العناصر الطلابية التي وصفها بالمشاغبة إلى السيد الوكيل العام لدى محكمة الإستناف بالناظور معززة بأسمائهم و عناوينهم الشخصية
فإلى متى ستبقى الجامعة المغربية تعاني من هذه السياسات الضيقة ، التي يؤدي ضريبتها الطلبة المحايدون الذين يستهويهم البحث العلمي ؟

يسود الحديث آنيا عن معدّلات الحرارة المنخفضة التي تبسط جناحيها على ليل ونهار المنطقة والجهة والبلاد، حيث لا يواكب هذا الحديث سوى التدثر بالأغطية وانتعاش سوق الألبسة الشتوية والإقبال على المشروب الساخن ونقص الدينامية بالشارع العام، وذلك دون إعارة الانتباه، من لدن الغالب حتّى لا نعمّم بقول الكلّ، لشريحة عريضة من الآدميين المفترشين للأرض والملتحفين بالسقيفات، شريحة بشرية تعدّ تيرمومترا حيّا لقياس مدى التدنّي الحراري، شريحة تجسّد بالفعل مقولة "النّاس معادن" بتمدّدها بالدفء الصيفي وتقلّصها بالقر الشتوي، شريحة من أناس بدون مأوى، يسمّون أيضا مُشرّدين، كما قد ينعتهم المنطوق الدّارج بـ "التشمكير"، أو ما دونه من ألفاظ قدحية جارحة.
ماشِي غِير آجِي وكُون مُشرّد..
و"الشمكار "على حد تعبير "تامغربيت"، يفترق في العادات السلوكية الإدمانية عن المشرّد المنتمي ضمن وثائق الإحصاءات العامّة الرسمية للسكان والسكنى لشريحة الـ "بدون مأوى"، إذ أنّ هذا الأخير هو كل من اعتبر الشارع المكان المعتاد لإقامته أو عمله دون توفره على مستقر يحفظ له عزة النفس ومذلة السؤال.. وظاهرة الأفراد الـ "بدون مأوى" لتعدّ من بين أسوأ الظواهر الاجتماعية الآخذة في الانتشار والتفشي بالمغرب، خصوصا بالمناطق التي تعاني من كثافة سكانية يواكبها ترد في مستوى الدخل الفردي.
بني انصار.. بؤرة التشرّد بامتياز
محلّيا، يمكن لأي متجول بشوارع الناظور أن يلحظ تواجد أفراد منه هذه الفئة المجتمعية، يسترزقون عن طريق استجداء المارة والجالسين بالفضاءات الخارجية للمقاهي، قانعين بدريهمات معدودات وواعين كونهم مصدر إزعاج للناس،حيث يعتبر الحيّز الترابي لبلدية بني أنصار من أكثر المناطق كثافة باعتماد عدد المُشردين كمقياس، فهي تشكّل الحيّز المفضل لشريحة عريضة من هذه الفئة المجتمعية بحكم توفرها على محطّة بحرية للمسافرين ومعبر حدودي برّي صوب مليلية، ما يوفر لهم فرصا كبيرة للإسترزاق عبر استعطاف العابرين وتحيّن فرصة العبور لمعانقة "الحلم الأوروبي" الذي قد يأتي أو لا يأتي.
صفة "بدون مأوى لا تمنع من الدِّيبَّانَاجْ..
بالنّاظور المدينة، يقضي هؤلاء المشرّدون ليلهم بالشوارع العامّة، يمكن أن تصادفهم على امتداد شارع الحسن الثاني أو داخل فضاء المحطة الطرقية أو وسط عتمة أطلال فندق الريف.. يسكنون الجحور وخرائب المنازل المهجورة، وكذا سلالم العمارات غير المحروسة، ولم تسلم من التحوّل إلى أسرّة مفتوحة لهم على الهواء الطلق لا الحدائق ولا باقي الفضاءات العمومية.. كما أنّ عددا من المتاجرين بالهمّ الإنساني يعملون على توفير أماكن حقيرة لنوم منعدمي المأوى تحت سقف مقابل سومة كرائية يومية تدفع مسبقا، تتراوح بين الخمسة دراهم والخمسة عشر درهما، قبل تكديس المرتادين الليليين ضمن في غرف مشتركة ضيّقة،حيث وتنتشر مثل هذه "الخدمات" بدور معروفة تنتشر عبر أحياء ترقاع وإيكوناف والحي المدني التي تلفظهم مع أولى أشعة الشمل على إيقاع تسول الأطعمة من فضلات الموائد، قبل الشروع في طقوس شم "السولوسيون" وتدخين أعقاب السجائر، وما إلى ذلك من ممارسات ممتدّة للنشاط الدّاعر.
سميت بّاكّ؟.. سْمٍيتْ مّْكْ؟.. سيرْ بْحَالْكْ
كثيرا ما يدفع بحث المشرّدين عن أربع جدران تقي من قساوة الطبيعة إلى ابتداع أساليب غريبة، تمتدّ بعضها إلى استفزاز رجال الشرطة من أجل الخضوع لفترة حراسة نظرية من 48 ساعة قابلة للتجديد مرّتين، إلاّ أنّ المشرّدين يعتبرون بأنّ تعامل رجال الشرطة ينال منهم فقط حين الرغبة في تحديد الهويّة بطرح أسئلة من قبيل: سميت بّاكّ؟.. سْمٍيتْ مّْكْ؟.. معقبة بلفظ سيرْ بْحَالْكْ المفضي لنهاية الغرض من التواجد بالمركز الأمني.. كما يقر الأفراد الـ "بدون مأوى" بافتقادهم للمعاملة العادلة في حال التعرّض للخطر، إذ غالبا ما يتمّ الامتناع عن التدخل في "التشنجات" التي ينتمي أحد أطرافها للفئة المتحدّث عنها.
آخر إبداعات التسيير النّاظوري.. مشرّدون في البّاطْوَار
شهدت مدينة النّاظور خلال السنوات الأخيرة تفتّقا إبداعيا تدبيريا لتغييب المشرّدين عن الأحياء طيلة المدّة التي تستغرقها الزيارة الملكية السنوية للمنطقة، إذ تسخر عربات ورجالات السلطة لنقل الـ "بدون مأوى" صوب مراكز دور الطفولة والعجزة، قبل أن يتمّ العمد في أعقاب الاكتظاظ بالمراكز الأخرى إلى الاستعانة بـ "الباطوار" الذي يتحوّل من مذبح بلدي إلى فضاء لـ "الاعتقال"، تعتمد به أساليب التكديس والتجويع وخلط المشردين بالمجانين والمتسوّلين ضدّا عن أي عرف كان أو مراقبة فعّلت.
آشْ المْعْمُولْ..؟
حاولنا في موقع ناظور24 وضع أرضية نقاش رغم إيقاننا بأنّ هذه الظاهرة، شأن كافة الظواهر البشرية، معقّدة وتنبغي إحاطة عملية شاملة، ومن ذلك تسطير مخطط منسجم مع أفكار: إنشاء صندوق للدعم والمساعدة الإجتماعية يعهد تسييره لجمعيات المجتمع المدني وينال قيمته المالية من ميزانية الدولة وتبرعات المحسننين والفاعلين الإقتصاديين.. وإحداث مراكز للإيواء والعلاج متوفرة على أطباء قادرين على التعامل مع هذه الفئة، توفر التكوين المهني ودروس التربية الغير نظامية.. لتأهيلهم للإندماج في المجتمع،وليس سجنهم.. إضافة لتحصين الترسانة القانونية تجاه تجريم التسول بالأطفال وتشغيلهم حيث أنّ كثيرا من المشردين بدؤوا حياتهم أطفالا متسولا بهم.. والأهمّ هو محاربة السكن غير اللائق أو العشوائي لتفريخ هذه المساكن لكم هائل من المشرّدين.. زيادة على إنشاء مؤسسات للمساعدة و الرعاية الاجتماعية من أجل العمل التأطيري بعمل وحدات للاستماع.
عادل أربعي - بروكسل:
في إطار إغناء تدارس أبناء الريف لموضوع الجهوية الموسعة المقترح للنقاش، نود في البداية دعوة أبناء الريف جميعا إلى التعبير عن أرائهم وتصوراتهم حول مصير الريف الكبير ضمن هذا المشروع الذي نجهل لحد الأن مغزاه العميق غير أننا ومن باب المساهمة في خلق حراك إقتراحي من طرفنا أبناء الريف بالمهجر لتاسيس قوة إقتراحية حول المشروع الذي قد يكون مُنعطفا وجب علينا رسم معالمه قبل إملاءها وطبخها من المركز الذي من أجله جاء هذا المشروع بعد فشل التسيير المركزي في تحقيق تنمية مستدامة في جميع الميادين.
في عرض تصوري الشخصي المتواضع هذا سأركز في جزئه الأول حول الجانب السوسيو ثقافي لمشروع الجهوية الموسعة بالريف، لأن الحكم الجهوي الذي نحلم به، لا يجب أن يكون حكما جهويا يُدرس ويُطبخ بالريف ويقدم للمركز "الرباط" من أجل التنقيح وإعطاء الحكم النهائي قبل أي أحد.
فالجهوية الموسعة يجب أن تكون أكثر فعالية من وهم اللامركزية، لأن هذه الاخيرة وكما كان البصري يروج لها سابقا، هي مجرد نقل لتسسير بعض المصالح الإدارية الغير الحساسة من المركزي إلى الجهوي قصد الإستئناس وإحتفاظ المركز دائما بالحق النهائي والأوحد في تقرير مصير القوانين والمشاريع والقرارات الصادرة عن كل جهة والحكم أو التحدث بلسانها.
اللامركزية شيء والجهوية شيء أخر، فالجهوية قريبة من الحكم الذاتي بصيغة قانونية، فبينما الحكم الذاتي حسب معجم "لاروس" : هو قريب من الإستقلال وهو مايعني أن الهيئة الحاكمة بالجهة المخول لهل هذا الحكم، يمكن لها العمل باستقلال تام وفق قوانين يمكن ان تكون مستقلة جزئيا او بنسبة شبه كلية، وتستطيع حتى إتخاذ قرار ضد السلطة المركزية التابعة لها سياديا. فإن الجهوية تعطي الحكم المحلي إستقلالية في حدود قصوى لا تصل الحكم الذاتي في تسيير أمور الجهة وتحتفظ الدولة كما الحكم الذاتي بالإدارات السيادية كالدفاع والعلم، بينما الجهوية تعطي هامشا من حرية عقد إتفاقات تجارية، ثقافية... مع جهات أجنبية ولعب دور خارجي دون تضارب مصالح البلد السيادية مع مصالح الجهة، إضافة إلى إعطاء الإدارة المحلية دينامية جديدة مبنية على التسيير البشري المحلي وإستفادة الجهة من ثرواتها المحلية وفق تضامن مع باقي الجهات في ميادين متعددة كما الشأن لنظام الحكم الذاتي بإسبانيا التي تطالب كاتلونيا فيها الجهات المركزية بمدريد بالاستقلال نظرا للاعتماد الكبير لاسبانيا على كاتلونيا باعتبارها شريان الاقتصاد الاسباني وأحد أكبر المناطق الصناعية بأوربا، وهنا يكون الريف الذي أستنزف طيلة العقود الماضية ونخِرَمن مدخراته المالية والموارد الطبيعية، ليعود اليوم إلى بناء ذاته.
هل يصلح نظام الحكم ببلجيكا لتطبيقه بالمغرب؟
بداية، أنظمة الحكم في معظم الدول الأوربية، أنظمة إعتمدت في عمق تقسيمها الفدرالي على الخصوصية السوسيو ثقافية أكثر من أي شيء أخر والتي يمكن للمغرب الأخذ بها وليس تطبيقها حرفيا كما يُفتي بعض الفلاسفة، فأول خصوصية للمغرب هي الدين والملك فيها يعتبر أميرا للمؤمنين حسب الدستور. فلا تطبيق جذري للنماذج الغربية على المغرب الذي يدين بالإسلام. "فعقولنا ليست بعاقرة" كما قال الرفيق "بنشماش" في برنامج "حوار" الأخير. لكن ذلك لا يغيب ضرورة طرح جميع التصورات حول الجانب السوسيو ثقافي، هنا أعني أن التجربة البلجيكية فيما يخص الجانب الثقافي وخاصة اللغوي في العمق فاشلة حسب المحللين العارفين بالصراعات الجارية حاليا بين "الفلامان" و"الوالون"، بينما يخيل للجميع ان بلجيكا بلد هادئ، في الوقت الذي تعيش فيه تحت صراع حامي الوطيس في قالب "نار تحت التبن" إرتبطت "بالحروب الباردة" ان صح التعبير والتي عان فيها الطرف الفلاماني أيام عز الازدهار الوالوني، غير أن هذا جعل فتيل الإحتقان يصل قممه مع إنقلاب الكفة لصالح الفلامانيين وأصبح الوالون هم من يعاني الأن أمام ما يعتبره الفلامانيين إزدهار كان لهم الفضل في تحقيقه، وقد جاء الدور على الوالونيين ليذوقوا التهميش الذي ذاقوه ذات مرة من قبلهم. بل وداخل الفلامان انفسهم تتوهج حِمَمُ الصراعات بين متشدد يميني "فلامس بيلانغ" ومعتدل كالحزبين "إس بي أ" و "سي دي في".
فهنا يعتبر الريف منطقة ذاقت مرارة التهميش الثقافي واللغوي منذ الأزل من قبل المركز. لكن هل النموذج البلجيكي يليق بنا في مثل الخصوصية اللغوية للاقتداء به؟
حين طرح التصورات الخاصة بالريف، لا يجب أن ننخدع ونعتبر أن الريف لا ينقصه غير الحكم الذاتي أو الجهوية الموسعة ليقفز إلى التقدم ويزهو بالديموقراطية ويسبح في الغنى والترف. فالخصوصيات المُعاشة والمصطنعة من طرف السلطة وفي بعض منها من طرف أبناء الريف أنفسهم كافية لان تفشل اي مشروع حتى وإن كان على منوال الحكم الذاتي للولايات المتحدة. فتطبيق الجهوية الموسعة بالريف ينبني أولا وأساسا على القدرة الإقتراحية لأبناء الجهة حول المشروع، وفتح نقاشات وتنظيم ندوات لإبداء التصورات وطرح الأراء والمقترحات واغناء مشاريع التصورات الجهوية حول مشروع الجهوية الموسعة، والإنسلاخ من الأنانية وإدعاء المثالية لشخصية على أخرى أو لقرية، لمدينة أو لبلدية على أخرى بدل الإستماع للجميع وتدوين مقترحات الفلاح والطالب والعاطل والتلميذ والمهاجر...
وحتى نكون إيجابيين في طرح المعيقات وطرح الإشكالات وتفادي تجاهل أي شيء وبعيدا عن لغة الخشب، فلا يتوجب منا نسيان وتناسي طرح المعيقات التي قد تعيق أي مشروع للنهوض بالحكامة المحلية بالريف، وإلا فسنكون أكبر من سيساهم في فشل هذا المشروع بمنطقتنا. فضرورة الدراسة العلمية والتعمق في طرح إشكالات تاريخية حساسة وليدة الاستعمار الغربي والاستعمار الفكري من طرف المخزن في فترة من الفترات بكل جرأة. وبهذا يكون الجانب السيكولوجي للريف أكثر حضورا في جعل الإختيار حاسما وتاريخيا، فيكفي أن نذكر الريف حتى يرتبط بالقمع المخزني والإستعمار الإسباني والسطو المركزي على ثرواته وإستنزافها والتهميش والإقصاء، فكما كان الشأن لنظام الحكم الجهوي الفدرالي بكندا الذي إرتبط في حلقة من حلقاته الرئيسية بالجانب السيكولوجي بين الجانب "الكبيكي" الناطق بالفرنسية والجانب الإنجليزي "أونتاريو" بالنظر إلى الغنى الثقافي الذي عرفته كندا وكان نتيجة للتنوع الثقافي الذي جلبته الهجرة، إلا أن هذا ليس بكفاية لانجاح نظام حكم محلي نريده أن يكون ذا مردودية وليس هدفا في حد ذاته وإنما وسيلة لتحقيق الحكامة المحلية الناجعة والقابلة لتحليل الواقع المعيشي المحلي بدقة والإحاطة بكل معيقات التنمية وتحليلها في إطار محلي يستطيع أبناء الجهة التغلب عليه ورصد الإمكانات الفكرية والمادية والبشرية لتحقيق تنمية محلية تكون ساكنة هذه الجهة الطرف الأوحد في المساهمة الفعالة لتحقيق التنمية المنشودة.
ما الهدف من تأسيس جهوية وحكم محلي بالريف؟
لابد أن ما عانه الريف خاصة، يكفي لطرح إيجابية جهوية موسعة تعطي للفاعل المحلي سياسيا وتربويا وقانونيا التحكم الفعلي في تسيير محلي للجهة قصد تحقيق ست أهداف أساسية حُرمت منها الجهة أو آنتزعت منها :
أولا : إعادة توجيه المواطن في علاقته بالسياسة والسلطة.
ثانيا : إمتحان قبول المواطن للديموقراطية المحلية لتزكيتها أو الحكم على فشلها.
ثالثا : حسن إستثمار رأس المال البشري في التنمية المحلية.
رابعا : المشاركة المدنية وإعادة ثقة المواطن في إمكانية بناء ديموقراطية محلية يشارك في بنائها عن قرب.
خامسا : تأسيس فكرة حكم محلي ومحاولة الإنتقال من حكومة مركزية فشلت، إلى الإيمان بحكومة محلية تحمل أحلاما اكثر قرباً.
سادسا : المواطن المشارك ؛ حتمية الحكم المحلي والإشراك الفعلي للمواطن في إتخاذ القرار.
ضرورة خلق جهة جديدة للريف الكبير!!
الناظور والحسيمة جهة قائمة بذاتها. حقيقة لا غبار عنها، تاريخا وثقافة وهوية وجغرافيا قبل ان تشهد بذلك العلاقات الاسرية والأخوة الأزلية. فتصور أبناء الريف عموما أصبح ضروريا في تزكية أو الامتناع عن خلق جهة إدارية موحدة جديدة للريف تجمع "الناظور والحسيمة والريف الأوسط" لتكوين جهة موسعة تنسجم مع مشروع الجهوية الموسعة الذي يتخذ في عمقه حسب خطاب عاهل البلاد، الخصوصية السوسيو ثقافية اساسا. كأبناء للريف الكبير، نقترح جهة للريف الكبير ضمن الجهوية الموسعة يتمتع بحكم محلي فعال وقوة اقتراحية محلية في إطار المغرب المُوحد، ولا حرج في ذلك إن كان إسم الريف الكبير يخيف الكثيرين، فما الذي وقع حين إحتفظ "الباسك" و"الكتالان" و"الفلامان" و"الوالون" باسماء جهاتهم؟
إشكالية القبلية المُصطنعة بالريف :
في الوقت الذي كانت فيه كلمة "القبيلة" في عهود أجدادنا رمزا ومنبعا للفخر والإعتزاز بالجود والكرم والأصول والشهامة، أصبح وجه القبيلة اليوم منبعا للضغينة ويسل للكره بين ابناء الريف الواحد. فلابد أن أحد المعيقات التي يتحاشى مُعظم العارفين بالشأن الريفي الخوض فيها هي ألغام القبليات المصطنعة من طرف السلطة في عقود مضت وأصبحنا نعاني ويلاتها التي تطغى على جانب مهم من ساكنة منطقة الريف الكبير، وتنتشر بين الأغلبية بل وحتى بين الأطر والمُثقفين. ويكفي ذكر إقليمي الحسيمة والناظور والريف الأوسط وسنرى مدى إستفحال النعرات القبلية والتي تصل إلى حد المقاطعة على سبيل المثال لا الحصر : ساكنة قبيلة إبقوين وساكنة مدينة الحسيمة، ساكنة، تماسينت، إمزورن والحسيمة المدينة. ساكنة بني توزين وساكنة قلعية، ساكنة مطالسة وكبدانة، ساكنة ايت بويحيي وقلعية ... كل هذه النعرات المُصطنعة من طرف المخزن لا يجب لعب دور النعامة فيها وأصبح من الضروري وضع إستراتيجية علمية جدية وعميقة للإشكالية قد تعطي نتائج إيجابية خصوصا والريف على أبواب إختيار تاريخي واستراتيجي.
adilarbai@gmail.com
نظمت اللجنة المحلية للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بميضار وقفة احتجاجية ضد قائد جماعة بني توزين وتفرسيت تحت شعار — لا لانتهاك الحرمة الجسدية للمواطنين—. ورغم البرد القارس فقد احتشدت الجماهير الريفية بكثرة لإعرابها عن رفضها التام لمثل هذا السلوك غير حضاري بالنسبة لرجل سلطة.
وقد رفعت مجموعة من الشعارات المنددة من قبيل .يا جلاد اطلع برا ميضار ارض حرة . يا قائد يا مسؤول الاحتجاج سيطول….وخلال الكلمة الختامية لمناضلي الجمعية اشاروا إلى المحاولات اليائسة والجبانة من طرف البعض الذين لم يدخروا جهدا لإفشال هده الوقفة التاريخية التي تعد تعبيرا عن وحدة كل الأحرار واستعداهم للدفاع عن حقوق الإنسانية الأساسية جنبا إلى جنبا ومطالبة الدولة المغربية بعدم تكريس الإفلات من العقاب في ملف هذا الجلاد المستهتر بكل المواثيق الدولية والقوانين المغربية وكذلك تأكيدهم على ضرورة اتخاذ كافة التدابير القانونية ضده بما يرد الاعتبار لكل المواطنين الذين انتهكت كرامتهم على يده .