مقال :برافو الزيدي المنتظر."خالد أربعي"


فرحة عمت الشارع العراقي والعربي بإطلاق سراح الصحفي العراقي " منتظر الزيدي" الذي رمى الرئيس الأمريكي بحذائه ، وبدورنا فإننا نحيي البطل وكل أحرار العالم من منبرنا هذا .كلنا يعرف ماذا يعني الحذاء في الثقافة العربية، بل هو موجه لمن لا يعرف معنى الضرب بالحذاء في بلاد العم سام، وعلى رأسهم الرئيس الأمريكي جورج بوش الصغير الذي، على ما يبدو، لم يفهم أبداً مغزى ما حصل له في عاصمة الاحتلال المسماة بالمنطقة الخضراء في بغداد. كل ما أثار انتباه الرئيس بعد نجاته من ضربة الزيدي "المنتظر" أن مقاس الحذاء الذي أخطأ رأسه هو مقاس عشرة، لا أكثر ولا أقل. فقد كان ذلك أول تعليق له على الحادث، إذ لا قيمة في ثقافة العم سام لشيء إلا للأرقام، وليذهب كل شيء آخر إلى الجحيم. فهم يقيسون كل الأمور في هذه الدنيا بالأعداد، حتى لو كانت الكرامة أو الحب أو البطولة أو الشهامة أو النخوة.لا عجب إذن أن الرئيس اختصر نخوة الصحفي العراقي وشهامته الفذة بالرقم عشرة.


الحذاء عندنا، يا رئيس، لا يحمل نفس المعنى لديكم، بل يحمل الكثير من المعاني السيئة للغاية، فنحن ننظر للحذاء بدونية واحتقار. فأنتم مثلاً في لغتكم الانجليزية لديكم مصطلح يقول: "If you were in my shoes"، أي لو كنت مكاني، ومعاذ الله أن نترجم مصطلحكم حرفياً إلى العربية فيصبح "لو كنت في حذائي". وهذه إهانة كبرى للعربي لا يمحوها سوى ضرب قائلها بالحذاء.

الحذاء في ثقافتنا، يا رئيس، وصف نطلقه مرفقاً بعبارة "أعزكم الله"، أو "أكرمكم الله"، لأنها، كمفردة الكلب التي وصفكم بها الضارب، كلمة مثيرة للاشمئزاز والقرف والتعوذ وحاملة للنجاسة، لا سيما وأننا قد ندعس بالنعال أو نطأ به الوحل والأماكن القذرة فيغدو نجساً. ولا ندري أين دعس الزيدي "المنتظر" بحذائه التاريخي قبل أن يخطأ رأسكم الرئاسي بسنتيمترات. وقد صلى رسولنا الكريم (ص) ذات مرة، فخلع نعليه، فخلع الناس نعالهم، فلما انصرف قال لهم: "لم خلعتم ؟" قالوا: "رأيناك خلعت فخلعنا"، فقال: "إن جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثاَ".

وفي أدبياتنا الدينية الشعبية، يا سيادة الرئيس، فإن الشخص الذي يستخدم الحذاء لضرب أحد الوالدين قد يلقى جزاء خطيراً نظراً لما يتمتع به الحذاء من سمعة سيئة في ثقافتنا وديننا. ويُروى أن أحدهم ضرب أمه بالحذاء، فكانت المفاجأة في اليوم التالي عندما استيقظ الشاب اكتشف أنه لا يستطيع أن يحرك يده اليمنى، فقد أصيبت بالشلل التام. وفي ذلك عبرة شعبية كبيرة بأن استخدام ذلك الشيء النجس المسمى الحذاء لضرب الوالدين قد ينتهي إلى عواقب وخيمة على الفاعل. لكن أرجو يا سيادة الرئيس أن لا تسيء فهم الموعظة أعلاه كما تفعلون عادة، فضرب الأم أو الأب بـ"الجزمة" لهو جرم كبير في أدبياتنا، لكنه يصبح عملاً بطولياً تاريخياً في ثقافتنا عندما يتم استخدام "الصرماية" لضرب المستعمرين والغزاة من أمثالكم، لا بل يكتسب صاحب الفعل سمعة طيبة للغاية، هذا إن لم يدخل التاريخ العربي من أوسع أبوابه، كما سيحدث لضاربكم بالجزمة قياس عشرة الزيدي المنتظر.

صحيح أن السواد الأعظم من الشعب العربي، يا سيادة الرئيس، تمنى لو ضربكم المنتظر بشيء أقسى من الحذاء، كما رأيت في الكثير من التعليقات والرسوم الكرتونية، لكن الجميع في غاية السعادة لأن المنتظر ضربكم بـ"القندرة" العراقية، لا بشيء آخر، فلا تتصور كم هو عمل بطولي في ديدننا أن تضرب غازيك بالقبقاب المذموم، أو "الجوتي".

إن الحذاء في عرفنا، يا سيادة الرئيس، شيء قذر للغاية إلى حد أن الذين يحبون أو يقدرون شخصاً ما كثيراً جداً لا يمانعون في تقبيل حذائه كاعتراف قوي منهم بحبهم أو تبجيلهم له. أي أنه حتى تقبيل الحذاء الذي ندوس به على الأوساخ يهون في حب شخص ما.

وإذا أراد شخص عربي، يا سيادة الرئيس، أن يستهزئ بأمر ما يقول: "وصرمايتي، وجزمتي، وكندرتي، وكلاشي، وسكربينتي، أو لنعلي، أو لصرمايتي". ولهذا الاستهزاء وقع قوي للغاية على سمع العربي، ربما أقوى من وقع صواريخ كروز الأمريكية على بيوت المدنيين الأبرياء في العراق وأفغانستان.

إن أكبر إهانة يمكن أن توجهها لشخص عربي، أيها الرئيس، هو أن تضربه بفردة حذاء، ولا شك، أن أي عربي سيفضل أن يموت بقصف جوي، على أن يقضي نحبه بصرماية على منطقة حساسة في رأسه، وهو ما كاد أن يحدث لكم في عاصمة احتلالكم، لولا أن الحذاء ذا المقاس عشرة لم يكن ذكياً بما فيه الكفاية كقنابلكم العنقودية، فأخطأ هدفه، وضرب الجدار البريء خلفكم، تماماً كما تفعل أسلحتكم الذكية عادة التي تقتل، في معظم الأحيان، الأبرياء، وتخطئ الهدف الحقيقي.

إن حذاء الصحفي العراقي الذي أصبح أشهر من نار على علم بين ليلة وضحاها غدا، يا سيادة الرئيس، حذاء تاريخياً بكل ما في الكلمة من معنى، فلا يضاهيه في الشهرة حتى الآن في عالم الأحذية سوى حذاء الزعيم السوفييتي الشهير نيكيتي خوروتشوف الذي خلعه على مرأى زعماء العالم عام 1960، ومنهم زعيمكم وقتها جون كندي على ما أذكر، وراح يضرب به منصة الأمم المتحدة بعنف.

لا تقل لي أن حذاء أساطير كرة القدم كبيليه أو مارادونا أغلى من حذاء منتظر الزيدي بالنسبة للإنسان العربي. لا أبداً، فالحذاء الذي طار باتجاهكم، وكاد أن يصيب هامتكم، لولا أنكم أخفضتموها ببراعة، أغلى على قلب العرب من كل الأحذية الرياضية الذهبية، حتى لو كانت مرصعة بالألماس. وصدقني أن ملايين العرب مستعدون الآن أن يبيعوا أغلى ما يملكون مقابل أن يحصلوا على قطعة من قندرة الزيدي المنتظر.
خالد أربعي ourabaikhalid@gmail.com

إحراق مخدرات بقيمة 30 مليار سنتيم اليوم بالناظور


الناظور-و م ع-
أفاد مصدر جمركي، اليوم الخميس، أنه تم إتلاف 4ر28 طنا من الشيرا (القنب الهندي تبلغ قيمتها المادية عند التسويق حوالي 30 مليار سنتيم) بضواحي مدينة الناظور حجزت خلال مختلف العمليات التي نفذتها مصالح الجمارك، والدرك الملكي والأمن الوطني.



وجرى إتلاف هذه الكمية الهامة من المخدرات بحضور لجنة إقليمية، ترأسها النيابة العامة بالناظور وتضم ممثلين عن إدارة الجمارك، والدرك الملكي، والأمن الوطني، والصحة والسلطات المحلية.
وأضاف المصدر ذاته أنه تم أيضا إتلاف كميات أخرى من المخدرات، من بينها 24 كلغ من الهيروين و15 كلغ من الكوكايين.
يذكر أنه تم حجز أزيد من 22 طنا من الشيرا من طرف جمارك الناظور خلال سنة 2009 زيادة على مصادرة حمولات تزيد عن 5ر19 طنا، والتي وصفت بكونها أهم عملية مصادرة سجلت بالناظور.
وفي سنة 2008، تم إتلاف ما لا يقل عن 21 طنا من الشيرا من طرف جمارك الناظور.
كما تم في يناير الماضي تفكيك إحدى أكبر شبكات التهريب الدولي للمخدرات كانت تنشط بين الناظور وبلدان أوروبية، وخاصة إسبانيا.

يوم تحسيسي لفائدة المهاجرين غير القانونيين ببلجيكا


تنظم جمعية رابطة الريف باوربا وبتنسيق مع جمعية حوار ببروكسل لقاأ تحسيسيا لفائدة المهاجرين الغير الشرعيين فوق التراب البلجيكي يوم الاثنين 05 اكتوبر 2009 على الساعة السابعة مساء، لتوضيح الاجراأت القانونية وسرد المستجدات في مجال تطبيق قانون التسوية الجديد ببلجيكا.

اللقاء التحسيسي سيكون ايضا فرصة للمهاجرين الغير القانونيين لطرح تساؤلاتهم التي سيجيب عنها كل من السادة : كريم الواحي محامي، فؤاد احيدار برلماني ومساعد اجتماعي ببروكسل. وياتي هدا ضمن الانشطة الاجتماعية التي برمجتها الجمعية واحتفالا بتدشين موقع الجمعية على شبكة الانترنت

عادل أربعي ـ بلجيكا

تأهيل و صيانة الملعب البلدي بميضار




ستباشر أعمال الصيانة مهامها باتجاه الملعب البلدي بميضار لإعادة تأهيله بعد أن أخذ الإهمال قسطاً وافراً من إعتباره و أسهمت الفوضى و سوء الإستخدام خلال السنوات الأخيرة التي مرت عليه في أن تجعله صالحا لكل شيئ إلا لإجراء مباريات كرة القدم .‏ ‏
و من هنا فقد سجل الملعب البلدي بميضار مساء يومه الثلاثاء 29 شتنبر 09 زيارة المهندس الذي سيشرف على صيانة الملعب الذي سيعرف تعديلات على مستوى البنية، بإظافة جهة أخرى من المدرجات و كذا إظافة مستودع للملابس ، و إظفاء بعض التعديلات الأخرى... و يشرف على عكلة الأعمال : إدارة نادي نجم ميضار لكرة القدم بشخص رئيسها و مدرب النادي السيد جمال الطاوس، بالتعاون مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية و المجلس البلدي . و ذالك بتخصيص نحو 26 مليون سنتيم لصيانة الملعب و 20 مليون سنتيم كميزانية للجماعة الحضرية من لدن المبارة الوطنية للتنمية البشرية.‏
و تعتبر هذه الخطوة غير مسبوقة و تسجل في حسنات ناديي نجم ميضار و هلال ميضار وفرق الأحياء التي تتخذ هذا الملعب مسرحا رياضيا لمزاولة و لعب كرة القدم.
خالد أربعي

فيضانات ميضار







عرفت " ميضار" والنواحي بعد زوال هذا اليوم تساقطات مطرية مهمة ملأت شوارع وأودية ميضار عن آخرها في مدة زمنية قياسية ، بدأت في الساعة الثالثة بعد الزوال . وتسببت هذه التساقطات في انقطاع التيار الكهربائي لأزيد من 3 ساعات متتالية ، وغمرت هذه الأمطار أحياء ووسط " ميضار" مما أوضح تماما هشاشة البنى التحتية المحتضرة ، وجدير بالإشارة أن المناطق المجاورة مثل " الدريوش"قد عرفت البارحة واليوم تساقطات مماثلة ، الشيء الذي أرغم السكان المحاذيين لوادي" كرت" بمغادرة منازلهم والإبتعاد قدر المستطاع عنه حسب شهود عيان ليلة أمس السبت والذي سبب العام الماضي في خسائر بشرية ومادية جسيمة . خالد أربعي ـ ميضار

الذكرى 15 لرحيل المجاهد محمد الحاج سلام أمزيان قائد انتفاضة الريف سنتي 1958 و1959،


بمناسبة الذكرى 15 لرحيل المجاهد محمد الحاج سلام أمزيان قائد انتفاضة الريف سنتي 1958 و1959، أرتاينا إعادة نشر هذا المقال، الذي سبق للأستاذ جمال أمزيان نجل القائد أن أمد به الجمعية إبان الذكرى العاشرة لرحيل والده...




ليسمح لنا القارئ الكريم عن ما سنأخذه من وقته الغالي، وعن اقتحامنا لخلوته دون استئذان، وعن تطفلنا عليه بهذا الموضوع، وليعذرنا إذا عدنا به إلى فترة من تاريخه ما زال يكتنفها الكثير من الغموض بحكم إعراض الباحثين المالكين لأدوات ومنهجيات البحث العصرية عن كشف أسبابها ومسبباتها وعللها، وهم في ذلك – ربما - على حق بدعوى أن مثل هذه المواضيع قد لا تثير إلا المشاكل و"وجع دماغ" كما يقول أبناء الكنانة. ومع ذلك سنحاول إيراد بعض الأفكار عن جوانب من حياة شخصية لعبت دورا أساسيا في صنع وقائع ريف الخمسينيات من القرن العشرين، إذ يبدو أن هذه الفترة قد عادت تثير هذه الأيام فضول الجميع حتى ولو اختلفت المرامي والغايات

إنها مرحلة أواخر الخمسينيات من القرن الماضي

في رحاب قائد انتفاضة الريف

من إعداد جمال محمد الحاج سلام أمزيان 12 / 12 / 2005

قال القائد محمد الحاج سلام أمزيان

"أنت حر في أن تفتح عينيك، ولست حرا في أن ترى بهما الحقيقة أنت حر في أن تملأ عينيك بالدموع، ولست حرا في أن تبكي"

ليسمح لنا القارئ الكريم عن ما سنأخذه من وقته الغالي، وعن اقتحامنا لخلوته دون استئذان، وعن تطفلنا عليه بهذا الموضوع، وليعذرنا إذا عدنا به إلى فترة من تاريخه ما زال يكتنفها الكثير من الغموض بحكم إعراض الباحثين المالكين لأدوات ومنهجيات البحث العصرية عن كشف أسبابها ومسبباتها وعللها، وهم في ذلك – ربما - على حق بدعوى أن مثل هذه المواضيع قد لا تثير إلا المشاكل و"وجع دماغ" كما يقول أبناء الكنانة. ومع ذلك سنحاول إيراد بعض الأفكار عن جوانب من حياة شخصية لعبت دورا أساسيا في صنع وقائع ريف الخمسينيات من القرن العشرين، إذ يبدو أن هذه الفترة قد عادت تثير هذه الأيام فضول الجميع حتى ولو اختلفت المرامي والغايات إنها مرحلة أواخر الخمسينيات من القرن الماضي

وفي مستهل هذا المقال المتواضع، لابد من الإشارة إلى أنه لن يناقش الحيثيات أو الملابسات أو الأسباب التي تمخض عنها ما غدا يعرف لدى البعض بتمرد الريف، وينعته الآخرون بأحداث الريف، بينما المعنيون بأمرها أطلقوا على تلك الوقائع التاريخية انتفاضة الريف، وفي المقابل تشير إليها عرضا عينة أخرى بالعصيان على المؤسسات، وكلها تسميات أو مفاهيم قد لا تجد لها صدى لدى العامة في الريف ولا تثير عند سكانه أية ردود فعل لبعدها عن واقعهم وتاريخهم المحلي ولغتهم. لكن حينما تثار أو يشار إليها بالتسميات المتداولة لديهم ك: عام نْجْبَل أو عام نْتْفَاضيسْث أو عام نْ إٍقَبَّانْ، فهذا شأن آخر

إن هذا المقال لا يدعي الكمال والشمولية، بل سيقتصر في وقتنا الحالي، ولظروف موضوعية وذاتية، على تقديم بطاقة تعريف مقتضبة عن ابن هذا الجزء من البلاد، والذي حظي بشرف قيادة تلك الثورة الشعبية، متحملا وزرها مهما كانت النتائج، ومحتملا تبعاتها التي تحملها معه أبناؤه وكثير من أبناء الريف الغيورين. إنه محمد الحاج سلام موح موح أمزيان البوخلوفي البوعياشي الورياغلي الريفي المغربي الإسلامي، المعروف محليا ب: مِيسْ نْرْحاجْ سلام أو سِي مْحمذْ، بينما يرد في بعض الكتابات بصيغة محرفة، إما عن قصد أو عن جهل، تحت اسم ولد سلام أو محمد سالم أو محمد عبد السلام أو سلام الحاج

ومن زاوية أخرى، أود التذكير بأن بعض فقرات هذا المقال المتواضع كانت موضوع لقاءات مع بعض من جمهور مدينة الحسيمة في إطار أنشطة سابقة، أو نشرت في بعض الصحف بمساهمة أخي محمد. لذا فالموضوع هو إعادة تركيب لما سبق مع بعض من الإضافات وصور تنشر لأول مرة، مستهدفين من وراء ذلك تعميم الفائدة إذا ما وجد فيه القارئ ما يفيده. وبالمناسبة، لابد من توجيه كل الشكر لأعضاء جمعية ذاكرة الريف، ولبعض الإخوة أيضا، الذين دأبوا على القيام بزيارات سنوية إلى قرية آيث بوخرف للترحم على قبر قائد انتفاضة الريف كلما حلت ذكرى وفاة القائد المنسي

هكذا ففي منتصف عشرينيات القرن الماضي، ازداد القائد - وهو اللقب الذي أطلقه عليه محمد بن عبد الكريم الخطابي حينما التحق به في قاهرة المعز بعيد الانتفاضة بقليل - محمد الحاج سلام أمزيان بقرية آيث بوخلف أو أيث بوخرف. وتاريخ ازدياده لا يمكن ضبطه بدقة، ذلك أن تواريخ الميلاد في ذاك الزمان، في غياب سجلات الحالة المدنية، وليس كما هو الشأن الآن، كانت تضبط بالأحداث والوقائع التاريخية والاجتماعية والطبيعية الهامة كحدث انتكاسة بوحمارة في الريف أو ملاحم أدهار أُبران وإغريبن وأنوال، أو الإنزال الإمبريالي بشاطئ صباديا، إلى جانب الكوارث التي كانت تحل بالمجتمع محليا أو وطنيا مثل عام نْجُوع أو عام نْقَبانْ فيما بعد. وفي هذا الإطار كانت والدته، أي جدتنا رحمة الله عليها وأسكنها فسيح جناته المتوفاة سنة 1998 عن عمر قارب 110 سنة، تحكي لنا ونحن صغار على أنه كان في الشهر الثامن حينما بدأت جحافل القوات الاستعمارية، الفرنسية والإسبانية، تتقدم بخطى حثيثة وثابتة لإخضاع ما تبقى من الريف الأوسط، وذلك بقنبلة أهالي مداشره وقراه بما تفتقت عنه عبقرية آلتها العسكرية من مختلف آليات الدمار الشامل جوا وبرا وحتى بحرا. وبذلك يمكن القول إن سنة ميلاده قد تكون 1925م

وبحكم سرعة ذكائه وبديهيته، استطاع حفظ القرآن الكريم في سن مبكرة لينتقل بعد ذلك بين بعض مساجد الريف التي كانت تدرس فيها مختلف العلوم الدينية والمتون. كما التحق بجبالة لتلقي كتب المصنفات، وهي العلوم الأساسية التي كان يتلقاها طلبة العلم في ذلك الزمان. لكن كل ما استطاع أن يكتسبه في رحلته الدراسية التعلمية هذه لم تشبع فضوله العلمي، لذا حينما تأسس المعهد الأصيل أو الديني بمدينة الحسيمة كان من بين الأوائل الذين التحقوا به وسنه لا يتعدى العشرين، فأقبل على الدراسة بنهم، إذ يذكر بعض زملائه أنه كان شغوفا بالدراسة، ميالا إلى الرياضيات وعلوم الفلك التي تلقاها على أساتذة أجلاء من الريف أمثال القاضي سي محند أوزيان والفقيه طحطاح الذي كانت له شهرة واسعة في الحساب والرياضيات والفلك. وهذا الأخير هو الذي شجعه على الانتقال إلى جامعة القرويين لاستكمال دراساته والتي تخرج منها بشهادة العالمية

وبديهي أن هذه السنوات الأولى من عمره والتي قضاها بين تلقي القرآن والعلوم المرتبطة به وعلوم أخرى، هي أيضا سنوات التعرف، وعن كثب، على أقرب حدث تاريخي شهده الريف، ألا وهو ثورة الريف التحريرية بزعامة محمد بن عبد الكريم الخطابي. وهذا العامل سيدفعه إلى السعي لمحاولة فهم مجريات تلك الوقائع التاريخية سيما وأن الكثير ممن شاركوا وأسهموا فيها كانوا ما يزالون على قيد الحياة كوالده وعمه القائد حدو وآخرون كثر، يلتقي بهم في الأسواق والمساجد، ويسمع منهم قصص وجولات بطولاتهم. وهكذا بدأ يتكون لديه الوعي بأهمية التاريخ وبحب الوطن، وهو الوعي الذي سيتعمق وسيترسخ لديه حينما التحق بفاس حيث سيزداد لديه الوعي السياسي والإحساس بالواجب وبضرورة التصدي لما يهدد كيان المجتمع ومكونات هويته من الأخطار. فما هي الظروف التاريخية التي حل فيها بفاس، المدينة العلمية بجامعتها القرويين، قبلة طلاب العلم من مختلف الجهات؟

إنها سنوات الأربعينيات من القرن العشرين، سنوات حبلى بوقائع تاريخية كان لها انعكاس كبير على المستقبل السياسي للمغرب، بل وللعالم أجمع. وإذا أخذنا بعين الاعتبار هذه الظرفية التاريخية، أدركنا مدى الأثر الذي خلفه التواجد بهذه المدينة في الشخصية السياسية للمرحوم، والدنا، ميس ن رحاج سلام. إنها فترة الحرب العالمية الثانية التي أوشكت على النهاية، مرحلة خضوع فرنسا للاحتلال الألماني، مرحلة تغير المطالب السياسية لقيادات الحركة الوطنية التي انفصلت وكونت حزب الاستقلال وحزب الشورى والاستقلال، ثم الحزب الشيوعي بعد مغربته، فترة تقديم وثيقة الاستقلال، فترة تنافس بين هذه المكونات الحزبية حول اكتساب المشروعية وتوسيع القواعد، فترة البحث عن سبل وآليات تحقيق استقلال البلاد وتحريرها من الاستعمار. فترة غليان المستعمرات وتدهور مكانة وهيبة المستعمر، زمن ظهور هيئة الأمم المتحدة والجامعة العربية بمواثيقهما حول السلم العالمي وأحقية الشعوب في تقرير مصيرها. والأكثر من ذلك هي فترة نزول الأمير عبد الكريم الخطابي بالقاهرة، وما كان لذلك من تأثير ووقع على التواقين إلى التحرر من الاستعمار الجاثم على العقول والقلوب

يورد الوالد في إحدى رسائله التي أرسلها لي وأوردها المرحوم الحاج أحمد معنينو في الجزء السادس من مذكراته، ص. 93 – 94، ما يلي

"بسم الله الرحمن الرحيم ولدي جمال ...تعال معي الآن إلى لون آخر من الوطنية، ولون جديد من رجال هذه الوطنية، (...) تعرفت على...الحاج أحمد معنينو في فاس، بعد الحرب العالمية الثانية بثلاث سنوات... بمناسبة زيارته لعاصمة العلم ومدينة القرويين... كنا في هذه الفترة طلاب هذه القرويين، وكنا أيضا الشباب الواعي لواجبه الوطني بالاقتناع، وكنا نعيش الصراع المفتعل بين الزعامات السياسية لا الوطنية... الحقيقة يا ولدي أننا في هذه الفترة كنا في قمة النشاط الوطني ويحق للقرويين أن تسجل هذه الفترة على أنها الأوج في هذا النشاط، وبعده تهاوت هي الأخرى وسقطت تحت المغولية السياسية والعلمية والحزبية والاستعمارية...»"

من فاس التحق بقرية با محمد للتدريس، ثم طنجة وتطوان. وهكذا، ففي مستهل أكتوبر 1955م انضم محمد الحاج سلام أمزيان إلى جيش التحرير بحيث كان يجتمع مع الأشخاص الذين كان عبد الكريم الخطابي يرسلهم إلى الريف لربط الاتصال بما تبقى من بجنوده في العشرينيات. ومن أجل هذا المبتغى قام ببناء بيت قرب سوق أربعاء توريرت قبيل بدء العمليات العسكرية لجيش التحرير ووضعه تحت تصرف هذا الجيش وموفرا له كل ما بوسعه توفيره من دعم لوجيستيكي ماديا ومعنويا، وذلك بحكم موقع السوق على الحدود بين منطقتي الاحتلال الإسباني والفرنسي

وبعد الإعلان عن الاستقلال ورفض قيادة جيش التحرير إلقاء السلاح حتى يتم التحرر الكلي والشامل، بدأت التحالفات والمناورات من أجل تفكيكه وتصفية قياداته ومنها عباس المسعدي، إلى جانب تصفية مناضلي الأحزاب السياسية المعارضة والتي كان الشمال مسرحا لها. أمام هذا الوضع تشكل وفد من سكان الشمال، ومنهم والدنا، لعرض صورة هذا الوضع أمام الملك الراحل محمد الخامس ورئيس الحكومة السيد مبارك البكاي والذي طلب منه رفع تقارير مفصلة عن الأوضاع في شمال المغرب وعن سياسة الإدارة تجاه السكان والتي كان جل موظفيها لا يتقنون اللغة المحلية ومنتمون إلى حزب سياسي يسعى إلى الانفراد بالحكم. وفعلا قام برفع عدة تقارير إلى الحكومة رغبة منه في لفت أنظارها إلى مسلسل التصفيات والاختطافات والانتهاكات التي يتعرض لها الأبرياء محذرا من انزلاقات أعوان الإدارة ومن النتائج التي لا تحمد عقباها إذا ما استمر الأمر على ما هو عليه، وهذا ما لم يرق مدير الأمن الوطني الذي أمر باعتقاله لإسكات صوته

وفي هذا السياق أورد نموذجا من التقارير الموجهة إلى رئاسة الحكومة المغربية بتاريخ 10 أكتوبر 1956، نشر في فترة سابقة بجريدة الغد، عدد 2 سنة 1995، يقول فيه

"فالحقيقة المرة التي تحز في قلوبنا وتفتت آمالنا هنا هي الإهمال الفظيع الذي تمارسونه تجاه معالجة الموقف في هذه المنطقة المهددة بالتخريب (...) فلماذا هذا الإهمال؟ نستغيث لا لضعف ولا لجبن، وإنما للمحافظة على الوحدة الوطنية كي نصمد جميعا أمام العدو الأجنبي المهيمن بجيشه ومخابراته على القضية المقدسة"

وفعلا سيتم اعتقاله بتطوان في أواخر 1956م، مع نية مبيتة لتصفيته جسديا لولا تدخل الجنرال مزيان، ثم نقل إلى سجن الحسيمة حيث مكث حوالي سنة كاملة في زنزانة انفرادية لينقل بعد ذلك إلى سجن لعلو بالرباط ثم السجن المركزي بالقنيطرة. وفي شتاء 1958م أفرجت عنه المحكمة مؤقتا وفرضت عليه الإقامة الجبرية بالرباط وسلا وأن لا يعود إلى الريف

لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن. فبعد أشهر، ومع حلول شهر يونيو من نفس السنة، عاد إلى الريف حيث بدأ يتقاطر على منزله بقرية آيث بوخرف أبناء الريف لتهنئته بالنجاة من موت كاد أن يكون محققا، وكذا للتعبير له عن موقفهم الرافض لسياسة الإدارة المخزنية وعقليتها وطريقة تدبيرها، وهذا ما لم يرق عامل الإقليم الذي واصل ضغوطه على السكان واستفزازته لهم. ولم تمر أيام حتى كانت الظروف مهيأة للتذمر العلني والاقتناع بأنه لا مفر من المواجهة والدفاع بهدف تحقيق الحد الأدنى من العدالة الاجتماعية

وبعد ما آلت الأمور إلى ما آلت إليه وألبس قميص عثمان، التحق بمليلية بعد رحلة شاقة من الأهوال، ثم ألميريا. ومن هناك أبحر إلى القاهرة حيث وجد مثله الأعلى الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي، فلازمه إلى أن وافت الأمير المنية. ومع بداية السبعينيات، انتقل إلى الجزائر، ومنها إلى هولندا سنة 1981 كنقطة استراحة، ليواصل الطريق إلى العراق. وكانت وفاته بمدينة أوتريخت بهولندا يوم 09-09-1995 بعد مرض عضال، ووري جثمانه بالقرية التي ولد فيها يوم 16-09-1995 حيث ما زال قبره

هذه بعض المحطات في مشوار حياته دون الوقوف عند انتفاضة الريف. لكن محمد الحاج سلام لم يكن رجل سياسة وقائد ثورة فقط، بل أنتج الشيء الكثير من المؤلفات، تاريخية وسياسية وفلكية
.

المزيد من ميضار:السوق الأسبوعي





عندما نتكلم عن سوقٍ أسبوعي مهترئ يعود للقرون الوسطى ومنعدم المرافق لم يبقى منه إلا باب تشهد على تقادم السوق من حقبة الإستعمار الأولى أنها كانت أن ترمم .يوم الأربعاء يعتبر يوم السوق الأسبوعي لساكنة ميضار إذ يتزودون بكل حاجياتهم من السوق الذي لم يبقى منه إلا الإسم .البائع و المشتري كلاهما يشكو من الحالة الكارثية التي آل إليها سوقهم ،وخاصة في الأيام الماطرة حيث يصبح السوق عبارة عن بحيرة من الماء ناهيك عن الأوحال التي ستغرقك لا محالة . يفاجأ البائع والعارض لسلعته البسيطة بوقوف رجال السلطة عليه في الصباح الباكر يطالبونه بدفع مبلغ مقابل الحيز الذي يستغله وهنا الحديث عن أشخاص بسطاء لأول مرة يلجون السوق وربما كانوا خارج حيز السوق رغم ذلك فإنهم مطالبون بدفع الثمن .أمر مخٍز والله وصل إليه السوق وحالة يرثى لها.أما النظام والسيولة المرورية داخله فحدث ولا حرج . أبواب ضيقة كأنك داخل إلى"بازار"وحمالات قد ينشب بسببها في أي لحظة عراك بين صاحبها وزائر للسوق،أما في الفترة المسائية فإنه يتحول إلى ملجأ لمن لا ملجأ له من الزوار الليليين . خالد أربعي ـ ميضار

أمطار قوية بزايو عجلت بتعرية البنية التحتية للمدينة



شهدت مدينة زايو ابتداء من الساعة الثانية بعد الزوال وإلى حدود الثالثة والنصف، هطول أمطار طوفانية قوية غمرت بعض المحلات والمساكن، وتسببت في تعطيل حركة المرور في عدد من الطرقات الرئيسية بالمدينة...



هذه الأمطار التي عرت البنية التحتية بالمدينة حيث تحولت الشوارع إلى وديان، نتيجة تعطل شبكات الواد الحار. كما تسببت هذه الأمطار في انقطاع التيار الكهربائي لأزيد من ثلاث ساعات. ولولا لطف الله وتوقف هذه الأمطار لكانت زايو ستصبح في خبر كان.


مياه الأمطار تغرق شوارع الناظور


أريفينو/حسن المرابط

غاصت شوارع الناظور في برك مائية مباشرة بعد التساقطات التي عرفتها مساء السبت، ولوحظ أن عددا من الشوارع الرئيسية والرفعية أصبحت به مغلقة بفعل تجمع مياه الأمطار، ولم تفلح محاولات رجال onep، الذين هبوا لفتح المجارير في عدد من شوارع المدينة، في تحسين الوضع إلا بعد مرور ساعات ووقوف تهاطل الأمطار.
وينتشر تخوف وسط الساكنة الناظورية من إحتمال عودة موجة الفيضانات كالتي عرفها الإقليم أكتوبر من السنة الماضية.