ميضار تحتضن مقاربات لأحداث 58|59 بالريف




هذه الندوة تأتي انسجاما مع دور و رسالة الحركة الجمعوية الديمقراطية المستقلة في النهوض بقيم المواطنة وحماية مقومات الديمقراطية و إشاعة مبادئ حقوق الإنسان، معتبرا أن مشروع كتابة تاريخ أحداث الريف لسنتي 1958و1959 يشكل رهان أساسي بالنسبة لحفظ الذاكرة الجماعية، ونقل القيم و التمثلات ، خاصة وأن منطقة الريف تعتمد على التقاليد الثقافية الشفهية كوسيلة أساسية لحماية وصيانة ماضيها، مضيفا أن تنظيم هذه الندوة يروم إلى المساهمة في امتلاك المفاتيح المعرفية والعلمية لفهم ما جرى من انتهاكات و اختلالات و خروقات لحقوق الإنسان خلال أحداث "عام إقبارن" (في إشارة لخوذات العسكر) والتي كثيرا ما غيبت عن التناول والدراسة والتحليل خلال فترات القمع التي عاشها المجتمع المغربي".. هكذا افتتح محمد الحموشي، بصفته منسقا لمركز الريف لحفظ الذاكرة، ورئيسا لجمعية أوسان المنظمة لندوة دراسية حول الريف والتاريخ والذاكرة، نهاية الأسبوع الماضي، بفضاء قاعة المحاضرات التابعة لجمعية الفتح ببلدية ميضار (70 كيلومترا جنوب غرب النّاظور)، والتي أدار أشغالها الحسين الإدريسي، بتأطير من محمد لخواجة، عبد الوافي المسناوي، ومحمد الخمليشي.

مداخلة محمد لخواجة، العضو بمجموعة البحث في تاريخ محمد بن عبد الكريم الخطابي وأستاذ التاريخ بجامعة فاس، عنونت بـ: "مقدمات حول أحداث الريف " وفق مقاربة ممتدّة على الريف الجغرافي، معتبرا جيش التحرير مبعث إعجاب لدى العامّة ومبعث قلق لدى الطبقة السياسية بجميع أطيافها، ما ولدّ محاولات الاحتواء والإقصاء والتعتيم والتنكر، معتبرا ظهوره فاجأ الجميع و أربك المخططات، ما خصّ الريف بعنف مفتعل مستخدم كذريعة لاقتحام المنطقة وتمشيطها من بقايا هذا الجيش.

عبد الوفي المسناوي، أستاذ الفلسفة والمهتمين بتاريخ الريف المعاصر، حاول ملامسة التأويل الممكن لأحداث الريف منطلقا من عدم إلمام الجيل الحالي بـ "حقيقة أحداث 58/59"، ملقيا بالثقل على "حزب الاستقلال" وتياره الراديكالي، رادّا الإقدام على "تدبير" هذه المواجهات لـ "خلفية الخوف من بوادر الكفاح التحرير الذي يمكن أن تبادر به القوى الريفية"، معتبرا القمع المرصود "عسكريا طال حركة مدنية رفعت مطالب عادلة"، وأن هذا الرصيد قد تمّ استثماره سياسويا ومخزنيا للتحكم في الثروة والسلطة و في جميع مفاصل البلاد.

الناشط الحقوقي محمد الخمليشي انبرى لـ" أحداث الريف بين الذاكرة والتاريخ "، مسجلا شحا في توثيق وقائع أحداث 58/59 بمقاصد تغييب تحدّتها الذاكرة وتشهد عليها أماكن الاعتقال والتصفيات الجسدية، التي تنتظر الفعل الجادّ بدع أزيد من نصف قرن على الاستقلال.

حري بالذكر أنّ عددا من الحقوقيين والجمعويين الريفيين بالمنطقة، أبرزهم فرع النّاظور لمنتدى الحقيقة والإنصاف، قد رأوا في تأجيل الندوة بأسبوع كامل، ونقلها مكانيا من النّاظور صوب ميضار، التفافا حقيقيا على مطالب مقاطعة مشاريع جبر الضرر الجماعي المدعّمة من لدن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان انتظارا لتسوية كافة الملفات الحقوقية العالقة بذكرى سنوات الرصاص، وكذا التوصل لحلول توافقية تناسب المطالب المرفوعة بشأن تقسيم عادل للسلطة والنفوذ، ومراعاة لكون المشاريع المصنّفة ضمن جبر الضرر الجماعي بالريف لا تغدوا، حسب نفس الجهات المنتقدة، عدى "استرزاقا" على حساب شهداء الريف ودماء معطوبيه وعذريات مغتَصَباته.. معتبرين أنّ فعل الالتفاف هذا يرقى إلى درجة "التهريب" الرامي إلى تفادي الانتقادات أو التأثير على نشاط كلّ ما يرام منه هو رفع تقرير مرفق بتوثيقات مصوّرة لتبرير المصاريف لدى المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بصفته جهة مُدعّمة.

ليست هناك تعليقات: