الكتابة على الجدران.. متنفس لمن يفتقر لوسيلة للتعبير بالمغرب


بات لافتا في المغرب قضية الكتابة على الجدران، خاصة في جدران المدارس، وبعض المنازل، والبنايات التي تجود في الشوارع الكبرى وقد تحمل هذه الكتابات ألفاظا بذيئة، وفي حالات أخرى إيحاءات جنسية، وأكثرها تتعلق برسائل عاطفية أو سياسية، أو شعارات أو كلمات لمغني غربي مشهور، خاصة بالنسبة لعشاق "الهيب هوب".

ويرجع محللون السبب بالأساس إلى عدم توفر الفرص للتعبير عن النفس، أو غياب "قنوات" لتفريغ الطاقات، التي تكون إما عن هموم، وغموم، مواقف، أو حب، وعشق، وهيام، وقهر، وغيرها.

وتبقى أبسط الطرق، وأيسرها، وأسهلها، وأرخصها كذلك، هي الجدران كما أنها رسالة سهلة الوصول، فهي لا تحتاج لساعي بريد، إنما المارة هم من يأتونها فيقرؤونها.

وقال علي الشعباني، أستاذ علم الاجتماع، إن "الكتابة على الجدران يلجأ إليها الشباب والمراهقين، أو جهات أخرى لأهداف سياسية أو إيديولوجية، مشيرا إلى أنها "تعتبر فرصة بالنسبة إليهم للتعبير على ما يختلج صدورهم".

وذكر علي الشعباني، في تصريح لـ "إيلاف"، أن "الكتابة على الجدران متنفس بالنسبة للذين لا يجدون وسيلة للتعبير عن ما يدور في داخلهم، بعد أن تكون مجموعة من القنوات أو الطرق مسدودة أمامهم". وأوضح أستاذ علم الاجتماع أن "هذه الكتابة نوع من التعبير اللإرادي عن ما يريد تبليغه المعنيون بالأمر من رسائل أو خطابات، مضيفا أنها "تحمل مجموعة من الأفكار والمواقف".

ويكون السبب، الذي يدفع البعض للكتابة على الجدران، هو عدم قدرتهم على التعبير اللفظي عما في نفسهم، أو لخوفهم من السلطة المدرسية، لأن ما يريدون التعبير عنه لا يتوافق مع السياق العام للقيم الحياتية والاجتماعية.

وتعد أهم وسيلة للحد من استفحال هذه الظاهرة، التي تبرز تدني مستوى العلاقات بأبعادها المختلفة بين "صاحب الخربشات" وبين عناصر المجتمع الأخرى، هي انفتاح الأهل مع أطفالهم وتربيتهم وحثهم على أن لا يتصرفوا في ما لا يخصهم ولا يعنيهم من أملاك الناس، وإن كان هذا الملك لوالديه أو إخوته.

ويرى محللون أن هذا السلوك خاطئ، ويجب على الجميع التنبه إليه والقضاء على هذه الظاهرة من اللحظة الأولى، بالنصح، والتوجيه، والإرشاد للكل، مع إمكانية وضع حوافز تشجيعية وتكريم لكل من يحارب هذه الظاهرة، ويقوم بطمس الكتابات في أي مكان كانت، مع المطالبة بضرورة وضع لوحات إرشادية تحذر من هذه الظاهرة السلوكية الخاطئة، وتشجع الطلاب على تركها والابتعاد عنها وبيان مالها من عواقب سلبيه على الفرد والمجتمع، إضافة إلى تشويه المكان.

كما شددت على ضرورة قيام الجهات المسؤولة، وخاصة التربوية بدراسة هذه الظاهرة والتعرف على حجمها، وتحديد الأحياء أو المدارس التي تنتشر الكتابة فيها، ووضع خطة عمل لمتابعة تلك الظاهرة تظافر فيها جهود الجميع، إلى جانب قيام المشرفين التربويين أثناء جولاتهم على المدارس بتوعية المجتمع المدرسي، وحث العاملين على توعية الطلاب وتبصيرهم بالأسلوب التربوي المناسب.

ليست هناك تعليقات: