دفاعا عن المآثر التاريخية و البيئة بالريف، اغراو نالريف/ التجمع الديمقراطي بالريف يرفع التحدي و ينظم وقفة احتجاجية ناجحة بالعاصمة الأوروبية ببروكسيل




تلبية لنداء اغراو نالريف / التجمع الديمقراطي للريف، الداعي للاحتجاج على استهداف المآثر التاريخية و البيئة بالريف، كان آخره محاولات تدمير مدينة المزمة الأثرية و تدمير أشجار غابة السواني، هب الريفيون رجالا و نساء و أطفالا و معهم أحرار بلجيكا، إلى ساحة شومان، و أمام مبنى مفوضية الاتحاد الأوروبي ببروكسيل، لإسماع صوتهم المدوي إلى كل من يهمه الأمر من مسئولين مغاربة و أوروبيين و وسائل إعلام، معبرين بان لا شيء يعلو فوق صوت الحق و الدفاع عن الكرامة و التاريخ و ذاكرة الريفيين في إطار مغرب يستوجب أن يحترم نفسه و يحترم المواثيق الدولية والتي صادق على جزء هام منها من طرف المغرب نفسه.

الريفيون و الريفيات و باقي المغاربة الشرفاء حضروا معا للتنديد بما يحاك ضد الريف من تدمير لمآثره و بيئته بعد أن همشوه طوال خمسين سنة خلت، اضطر معها العديد من أبناء المنطقة مغادرته مكرهين نحو الخارج او جهات أخرى من الوطن، بحثا منهم عن عمل يوفر لهم عيشا كريا بعدما أن ضاقت بهم الظروف في أراضي الريف، بعد أن استخدموا كل الأساليب لإخماد انتفاضة 58/ 59، التي كانت تطالب بحقوق بسيطة تضمن حفظ كرامة و ثقافة الريفيين و لو في حدودها الدنيا. لكن هذه الحركة قمعت بالحديد و النار من طرف السلطات ثم تلاها تدميرا و اقصاءا و تخريبا (مدينة النكور الاثرية) و تهميشا مقصودا من طرف السلطات المركزية بالرباط.

فبعد 50 سنة خلت هاهم ابنا ء الريف في الشتات/ المهجر بدؤوا يستجمعون أنفاسهم ليعلنوا عن صحوة جديدة، يعلنون بها تجديد انتمائهم لهذا الريف العزيز و الوطن، وهم يبدعون أشكال تنظيمية مناسبة لاستجماع قواهم من اجل رفع التحدي. هنا جاء اغراو نالريف كحركة ريفية أصيلة جمعت خيرة أبناء شمال المغرب/الريف و المنحدرين من تجارب نضالية مختلفة و تستفيد من تجاربهم النضالية في الجمعيات الديمقراطية بالمهجر التي تناضل ضد سياسات التهميش و الإقصاء و العنصرية هنا و هناك.

ارتبطت مؤشرات ولادة اغراو نالريف بالزلزال العنيف الذي ضرب إقليم الحسيمة سنة 2004. بعدما عبر الريفيون و الريفيات آنذاك عن قدرة رائعة على التضامن لإغاثة إخوانهم الصامدين في المغرب. و أتت أحداث تاماسينت، و ما تلاها من أحداث أهمها اعتقال شكيب الخياري بمجرد أن عبر عن رأيه سلميا عن قضايا تهم منطقته و وطنه، و كذا محاولات فرض خيار سياسي مخزني يمتص أبناء الريف و غضبهم. كل هذه الأحداث و أخرى قد لا يتسع لها هذا المقال نبهت الجميع على أن المخزن هو هو، بل هذا المخزن أراد أن يأكل "التوم" هذه المرة بأفواه بعض الريفيين. في هذا السياق أرست بنيان هذا التجمع الديمقراطي للريف/اغراو نالريف، ليولد كحركة مؤطرة و مؤثرة في بلجيكا منذ سنة خلت.
كان أولى أنشطة، تخليد الذكرى الخمسينية لانتفاضة 58/ 59 بالريف. و اشتهر بصراعه الصريح مع سفير الرباط ببروكسيل عندما أدلى بتصريحات مسيئة للريفيين في مجلة "لوبيف ليكسبريس" البلجيكية. كما عرف بانفتاحه الكبير على جميع حساسيات الريفيين و اشتغاله على أهم ملفات المنطقة و التي تشغل بال المهاجرين المغاربة عموما و خاصة منها معاناتهم مع وسائل النقل و بالتحديد مع شركة لارام.

اغراو نالريف أعلن تضامنه وانخراطه إلى جانب جمعيات المجتمع المدني بالريف والمهجر و التي يتقاسم معها نفس الأهداف. في هذا السياق و بدون تردد أعلن وقوفه إلى جانب لجنة متابعة ملف السواني/ المزمة. و اسوة مع العديد من الفعاليات في الجارة هولندا و خاصة منهم مناضلي صوت الديمقراطيين المغاربة ، تم إعلان عن معركة موحدة في الزمان لإسماع صوت الريفيين في البلدين الرافض للمشروع العقاري بمنطقة السواني/ اصفيحة، مادام لا يحترم لا الآثار و لا الثقافة و لا البيئة، منددين في نفس الآن بفرض سياسة الامر الواقع.

الريفيات و الريفيون و أبنائهم بالمهجر وقفوا يدا في يد لإعلانهم لقيم و أفكار مولاي موحد في التضامن و الشجاعة و التحدي. عبد الكريم ذلك الرجل الذي احدث ثورة حداثية و ثقافية تكنولوجية و عسكرية في العشرينات من القرن الماضي، في الوقت الذي أبا الآخرون من مستعمرين و متآمرين إلا أن ينسفوا كل تلك الجهود و الانجازات و الانتصارات الرائعة ليعيدنا إلى العهود الغابرة.

المتظاهرون اطروا مظاهرتهم ب "لا لتدمير البيئة و المآثر التاريخية"، و وقف اكثر من 200 متظاهر ساعتين أمام مبنى الاتحاد الأوروبي في هدوء وانضباط، وهم يذكرون هذا الأخير، بان المغرب ملزم باحترام وضعه المتقدم الذي منح له من طرف الاتحاد، و بذلك فان المغرب ملزم باحترام القوانين الدولية التي و قع عليه هو نفسه، سواء منها المتعلقة بحقوق الإنسان أو بتنظيم المجال و البيئة . كما أعلنوا وقوفهم مع نضالات أهل الريف من اجل احترام خصوصياتهم الثقافية و التاريخية و مآثرهم و بيئتهم و كرامتهم.

تفرقت المظاهرة في نظام و انتظام، وتعهد المتظاهرون ومعهم مناضلي اغراو نالريف بان يكونوا بالمرصاد ضد كل من يمس الريف و الريفيين أينما تواجدوا كما ضربوا موعدا في شهر يناير المقبل لتخليد ذكرى انتفاضة 84 و ذلك عبر تنظيم أيام دراسية حول الريف/شمال المغرب و مستقبله.

ليست هناك تعليقات: