التنقل شتاء بالنّاظور.. قطعة من عذاب




قد يتصوّر البعض أنّ الحديث عن تحوّل السفر لقطعة من عذاب رهين بركوب عربات آلية لا تؤمن بضرورة توفير وسائل الراحة والرفاهية لمتنقّلين أدّوا واجب الاستفادة عن آخره، لكن هذا الطرح قد يبقى جزءً من الحقيقة في غالب الأحيان، والحقيقة كلّها يمكن ملامستها ضمن أزيد من زمكان كما لامسها فريق لموقع ناظور24 حين انتقاله إلى إحدى المحطّات الخاصّة بحافلات النقل الحضريّ وسيارات الأجرة الكبيرة بالنّاظور، وهي الواقعة ضمن تقاطع شارعي الجيش الملكي والساقية الحمراء بالمدينة، حيث تمّ هذا الانتقال في تزامن مع تلقّي فضائها لنصيبه من التساقطات المطرية الوافدة على المنطقة مؤخّرا.

محطّة.. متعدّدة الاستعمالات

المحطّة المعنية لا ترتبط فقط بدلالة اسمها، بل استغلّت الارتجال الملحوظ في تدبير فضاءات المكان لتشمل موقفا لسيّارات نقل البضائع الممارس أغلبها ضمن غطاء السرّية وخارج أي تعريفة للاستفادة، كما تحوّلت أيضا، ضمن نفس الاستفادة من التخبّط التدبيري، إلى فضاء عرض ثلّة من الخدمات، من نقل الأثقال بالعربات اليدوية إلى منطقة تداول تجاريّ متجوّل، مرورا عبر توفير الوجبات السريعة، وبيع السجائر المهرّبة واستجماع مختلف سلع التهريب المعيشي، ما يجعل القضاء بكونها محطّة متعدّدة الاستعمالات.. تنفتح على الجانب المشروع والغير المشروع.

حافلات الناظور.. قطب أحاديّ يفرض ما شاء

وتعتبر نفس الساحة|المحطّة بمثابة نقطة بداية وانتهاء لمختلف خطوط الشركة الوحيدة للنقل الحضري الرابطة بين مدينة الناظور والضواحي، شركة تستفيد من انعدام مناخ المنافسة لترويج خدماتها قسرا أو بطيب خاطر صوب المستهلك المتواجد بالنّاظور، خدمات يبدو جليّا أنها تفتقد لرؤى مُعاملاتية مع المحيط الماديّ لتواجدها، شأن افتقادها لمقاربات تحسين جودة الخدمات والصيانة والعناية بالموارد البشرية المشتغلة في مناخ من الارتجال ضمن عربات بدأت عوامل التعرية الزمنية تبصمها.. ففي الوقت الذي تبرز عدّة شركات مماثلة عبر مختلف ربوع الوطن والعالم كشريك للفعل التنموي، لم تستطع مدبّرة النقل الحضري بالنّاظور حتّى المبادرة، وفق القنوات الشرعية، تبليط الجزء المستغلّ من لدنها كإجراء ينمّ عن احترام زبائنها المقدّرين والآلاف يوميّا.


طاكسيات النّاظور.. واجبات بدون حقوق



لم يشفع مبلغ مائة وثمانية وثمانون مليونا وثمانمائة ألف سنتيم، المؤدّى سنويا من لدن ألف وستمائة سيارة أجرة مشتغلة بالمحطّات المخصصة لها بتقاطع شارعي الجيش الملكي والساقية الحمراء بالنّاظور، في تمكين الراغبين في التنقل ولا مهنيي النقل من عملية تبليط بسيطة للفضاء المذكور، خصوصا وأنّ أرباب سيارات الأجرة يؤكّدون تأديتهم لواجب استغلال المحطّة المحدّد في ألف ومائة وثمانين درهم ترهق جيوبهم سنويا بمعية الإثني عشر ألف درهم المستخلصة كواجب سنوي للتأمين.. إذ أنّ مجرّد الوقوف بهذا الفضاء المشكّل لبؤرة السفر بالمدينة، يجعلك تقف على كارثة تدبيرية تلقي بظلالها على الحياة اليومية للأعداد المهولة من قاصديها بنية السفر، زيادة على المعاناة الكبيرة التي تؤرق بال مهنيي النقل المشتغلين بهذا الفضاء.

برك مائية، كميات هائلة من الطمي، صعوبة مشي، شكاوي المسافرين وسائقي سيارات الأجرة.. هذه صور من المعاناة المحيطة بفضاء عاجّ بسيارات الأجرة، ويقترب في كافة تفاصيله من الأوراش المختصّة في التحضير لعجين صناعة الفخّار عوض اقتراب صوره من محطّة استقطاب لراكبين ناشدين لوسائل الراحة.

لا عين رأت.. ولا أذن سمعت

مختلف المستفيدين من هذا الفضاء الرديء يجمعون عن غياب أيّ إحاطة بمتطلبات المحطّة من لدن أي مسؤول كان، مؤكّدين أنّ غياب المراقبة تنمّ عن الاستهتار الباصم لتعامل مدبّري الشأن المحلّي مع القضايا اليومية للمواطنين، زيادة على ضعف الدراسات المستنبطة لأولوية المشاريع، والتي تعمد إلى تمرير مبادرات بعيدة عن الانشغالات الآنية لعموم الساكنة وكذا إرهاصات تجميلها في مخيّلة قاصديها.. في حين يجمع المهنيون على غياب أي مُحاور من الجانب المسؤول الذي لا يتوانى في استخلاص المستحقّات ويتماطل في فتح قنوات الحوار وانتهاج أساليب الإصلاح الجذريّ.. حيث تمادى الأمر إلى درجة إقرار أغلبية القاصدين للفضاء المذكور بكون حملة الترقيعات المشنونة ضمن الأشهر الدافئة للسنة، ومواسمها الانتخابية العابرة، لم تكن إلاّ ليجد المواطنون العاديون أنفسهم داخل إسطبلات عملاقة ينتقلون ضمنها طولا وعرضا في إجراء أصبح عاديا وأولج الحياة الكريمة باب الاستثناء.

ليست هناك تعليقات: